عطفا على مامضى في المقال السابق في التأملات العلمية لعمل المرأة في منزلها :
تجد أن الحكم على وظائف المرأة - من حمل وإرضاع ورعاية أبناء- بأنه لا شيء، وأن بقاءها في بيتها، واقتصارها على تلك الوظائف يجعلها عاطلة، يعتبر حكمًا سطحيًا محجوبًا عن تبيين الحقائق؛ فإننا حين ننظر في جدول يوازن بين عمل المرأة والرجل - من حيث الجدوى على الحياة ومجد الدولة- نرى أن المرأة قد ذهبت باللب، والرجل قد قام من ذلك اللب بدور، لا يقال: إنه ثانوي، ولكنه ليس في صميم اللب. فأي الدورين يكون صاحبه عاطلاً؟ إذا كان مقياس العمل والعطل هو الإنتاج للحياة؟ ماذا يكون أجر من ثمرتها طفل؟ وأجر من ثمرته جلب حزمة من حطب، أو بضع ثمرات من شجرة قريبة ؟! .. ولكن الحياة لا تجزي ذلك الأجر النقدي، فإن ثمر المرأة ومقامها أجلّ من أن يقدر بعوض * يؤكد المناصرون لخروج المرأة دعاواهم على الجدوى الاقتصادية لخروج المرأة من بيتها، ومساهمتها في رفع إنتاجية الوطن، ويكثرون من السخرية، والتشنيع بالمجتمعات الرجعية كما يسمونها حيث تبقى المرأة حبيسة بيتها.
وإذا أبعدنا عن أسلوب المهاترات، والدعاوى وكان بحثنا موضوعيًا، نقرأ فيه لغة الأرقام التي تعكس الجدوى الاقتصادية لعمل المرأة نقف على دراسة ميدانية للدكتور/ حسين حشاته - أستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة الأزهر- جاء فيها :" أن المرأة العاملة خارج بيتها تنفق من دخلها 40% على المظهر والمواصلات، أما تلك التي تعمل في بيتها فهي توفر من تكلفة الطعام والشراب ما لا يقل عن 30%، وخلصت الدراسة إلى أن المرأة التي تمكث في البيت توفر ما لا يقل عن 70% من الدخل الذي كان بالإمكان أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلاً أكثر مما تحققه الموظفة؛ إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية، بأن تصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها ومجتمعها ".
ومما يؤكد ذلك ما قالته السويسرية (بيناو لاديف) بعد تركها للعمل: "فلو حسبت أجر المربية، والمعلمين الخصوصين، ونفقاتي الخاصة، لو أنني واصلت العمل، ولم أتفرغ للأسرة، لوجدتها أكثر مما أتقاضاه في الوظيفة"
ثم إن المرأة يمكن أن تعمل في بيتها أعمالاً تدر عليها ربحًا ماديًا دون أن تضطر للعمل خارج المنزل؛ حيث إن العمل خارج المنزل ليس الطريق الوحيد للكسب المادي.